ميل تشيمب … من فشلٍ متوقع إلى 12 مليار دولار!
أعلنت شركة تصميم البرمجيات المالية والمحاسبية انتويت Intuit عن صفقةٍ ضخمة للاستحواذ على شركة ميل تشيمب Mailchimp المتخصصة في نشرات البريد الإلكتروني وخدمات إدارة التسويق بمبلغ 12 مليار دولار!
قد لا يكون خبر الاستحواذ هذا مفاجأة في حد ذاته، إذ بلغ عدد صفقات الاندماج والاستحواذ في الولايات المتحدة أكثر من 16,672 صفقة خلال السنة الماضية فقط! لكن ما يميز قصة ميل تشيمب أنها من الشركات القليلة التي استطاعت أن تنمو إلى هذه القيمة الكبيرة دون الاستعانة بأي تمويلٍ خارجي، بل اعتمد مؤسسوها على النمو البطيء المستمر لمدة 21 عاماً!
فن استغلال الفرص..
بدأت القصة في 2001 حيث كان المؤسِّسَان بين تشيستنَت Ben Chestnut و دان كورزيوس Dan Kurzius يعملان على شركتهما المتخصصة في تصميم المواقع الإلكترونية. ومن خلال عملهما، اتضح لهما وجود طلبٍ على خدمات إرسال البريد الإلكتروني. قررا حينها استغلال هذه الفرصة وبناء موقع ميل تشيمب كمشروعٍ جانبي، وقد استخدما كوداً برمجياً لموقعٍ غير ناجح صمّماه سابقاً وقاما بتعديله ليناسب خدمة ميل تشيمب الجديدة!
كانت فكرة الخدمة هي توفير قوالب جاهزة يستطيع أصحاب الأعمال الصغيرة استخدامها لإرسال الإيميلات إلى عملائهم مقابل مبلغٍ صغير جدا يقارب ١ سنت أمريكي فقط عن كل إيميل مرسل!
استمر ميل تشميب كمشروعٍ جانبي للمؤسسين قبل أن يتخذا قراراً مهماً في 2007 بالتخلي عن عملهما في تصميم المواقع الإلكترونية والتركيز بشكلٍ رئيسي على تطوير الخدمة. كان عام 2007 عاماً حاسماً لخدمات إدارة البريد الإلكتروني حيث واجهت ميل تشيمب عدة تحديات منها 1) زيادة السمعة السيئة للإيميلات (إذ أظهرت إحصائيةٌ حينها أنَّ قرابة 90% من الإيميلات المرسلة في تلك السنة كانت بريداً مزعجاً Spam Mail) و 2) أنَّ العديد من منافسيها قبلوا بالحصول على تمويلٍ خارجي في سبيل توسيع أعمالهم، مما يعني منافسةً أكبر للشركة.
وضوح الرؤية..
أصر مؤسسا ميل تشيمب على رفض التمويل الخارجي على الرغم من تحذير المؤسسات التمويلية لهما بأن ذلك سيعني نهايةً حتميةً للشركة. كانت المؤسسات التمويلية على حد قول المؤسسين “لا تفهم” مبدأ عمل ميل تشيمب وتسعى لجعل المنصة تستهدف المؤسسات الكبيرة بدلاً من أصحاب الأعمال الصغيرة.
أقدمت ميل تشيمب في 2009 على مخاطرةٍ جريئة ومعاكِسة للفكرة الدارجة في وقتها وعرضت خدمتها بشكلٍ مجاني للمستخدمين! (شرط أن يكون عدد المشتركين في النشرة أقل من 500 مشترك ولاحقاً 2000 مشترك). ووضَّح “بين تشيستنت” أنَّ هدف الشركة كان كسب ثقة العملاء وإعطاءهم فرصةً للنمو دون إرهاقهم بتكاليف إضافية. كانت هذه المخاطرة من أساسيات نجاح الخدمة، إذ رفعت قاعدة المستخدمين لدى ميل تشيمب من مئات الآلاف إلى الملايين من المستخدمين في فترةٍ قياسية، ومازالت الشركة تتبع هذه الاستراتيجية إلى اليوم.
ماذا يعني لي هذا؟
توجد العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من تجربة ميل تشيمب مثل:
1- الثقة بنموذج العمل: فقد تأخذ الأفكار وقتاً لتُثبت نجاحها، وقد التزم مؤسسا ميل تشيمب بهذا المبدأ من خلال رفضهما للتمويل الخارجي الذي كان سيغير من نموذج العمل بشكلٍ كبير.
2- التمويل الخارجي ليس أساساً للنجاح: على الرغم من أنَّ رفض ميل تشيمب لأي تمويل خارجي جعلها تستغرق وقتاً أطول لكي تصل لمستواها الحالي إلا أنها نجحت في نهاية المطاف. من الجدير بالذكر أنَّ إحصائيةً لشركة داتانايز Datanyze أظهرت أن ميل تشيمب تسيطر على 62% من سوق منصات تسويق الإيميلات بينما تستحوذ شركة كونستانت كونتاكت Constant Contact التي استعانت بالتمويل الخارجي في 2007 على 8.69% فقط!
3- المخاطرة ليست عدوك دائماً: فالمخاطرة التي أقدمت عليها ميل تشيمب بتحويل استراتيجيتها من الخدمة المدفوعة إلى فريميوم Fremium (شبه مجانية) كانت من أكبر عوامل نجاحها في السوق.
مقالات ذات صلة
اشترك معنا!
لتصلك بزنس Shot ساخنةً صباح كل اثنين