دروس من كلارنا

في خضم أخبار التضخم وتوقعات الركود الاقتصادي وانهيار العملات وسوق الأسهم، بات من المعتاد تداول أخبار انهيار قيمة الشركات السوقية، ولكن كان لخبر انهيار قيمة كلارنا ثاني أكبر شركة تقنية قبل أيام وقع كبير على السوق بشكل خاص.

كلارنا.. كابوس سوفت بنك الجديد

استطاعت كلارنا، وهي شركة مالية تقنية سويدية لخدمات “اشتر الآن وادفع لاحقا”، جمع 800 مليون دولار في جولة تمويلية جديدة قبل أيام، وهو ما يفترض أن يكون خبراً ساراً، ولكن الواقع عكس ذلك! فقد تم التمويل على تقييم 7 مليارات دولار تقريبا في حين أن الشركة قيمت قبل عام بـ 45 مليارا في جولة تمويلية قادها سوفت بنك! أي أن الشركة فقدت 85% من قيمتها السوقية.
أعاد ذلك للأذهان ما جرى لشركة وي وورك  Work  We التي استثمر فيها سوفت بنك أيضاً وانهارت قيمتها من 47 مليار دولار إلى 2.9 مليار.

فقاعة “اشتر الآن وادفع لاحقا”!

كلارنا ليست وحدها، بل شمل الانهيار جميع شركات الشراء الآن والدفع لاحقاً العالمية والتي ازدادت شعبيتها بشكل كبير بعد الجائحة.
يحاول البعض ربط هذه الظاهرة بالركود الاقتصادي الحالي، أو بإعلان آبل نيتها الدخول إلى هذا السوق بخدمة Apple Pay Later. لكن في المقابل يرى بعض المحللين أن المشكلة تكمن في نموذج عمل هذه الشركات بالأساس وأسلوب التمويل غير المستدام.
على سبيل المثال تشير الدراسات إلى أن الشباب هم الأكثر استخداما لهذه التطبيقات وهو أمر إشكالي بالنسبة لمارشال لَكس الزميل في كلية هارفرد كنيدي للأعمال. فبحسب لَكس فإن هذه الطبقة هي الأكثر عرضة للصدمات المالية والتخلف عن الدفع؛ حيث تشير الإحصائيات إلى أن 42% من مستخدمي هذه الخدمة قد تأخروا بالفعل عن تسديد ديونهم لمرة واحدة على الأقل.

بعبع البنوك

لا تزال هذه الخدمة مصدر رعب للبنوك حيث انتشرت التكهنات بقضاء هذه الخدمة على بطاقات الائتمان. فعلى عكس بطاقات الائتمان فإن التسجيل في “اشتر الآن وادفع لاحقا” سريع وسهل وجذاب للشباب، كما توفر الخدمة إمكانية إعادة المشتريات دون تعقيدات مالية.
لكن بالطبع لا يخلو الأمر من العديد من التحديات أهمها التخلف عن الدفع خاصة من المستخدمين الشباب كما ذكرنا سابقا، قلة المشتريات مع التضخم والركود الاقتصادي والقوانين التنظيمية المتوقعة لهذا المجال.

ماذا يعني هذا لي؟

بالنسبة لريادي الأعمال يذكرنا نموذج اشتر الآن وادفع لاحقا أن هناك دائماً فرصة لرائد الأعمال في الأسواق التي توفر الخدمة بطرق معقدة أو شروط صعبة.
روبن هود Robinhood على سبيل المثال استطاع زعزعة السوق بإزالة العوائق أمام متوسطي الدخل ومحدوديه في دخول سوق التداول المالي.
بنك غرامين قرر قلب النظام البنكي وإعطاء قروض صغيرة للفقراء من غير ضمانات مالية!
فكر ببديل سهل يخاطب احتياجات الناس بشكل أفضل أو يوفر الخدمة لشرائح لم يكن بإمكانها الحصول على الخدمة مسبقاً. قد يفتح لك ذلك الباب لدخول السوق بقوة بل حتى لتغيير مفاهيم عمل السوق والهيمنة عليه. لكن احذر دائما من المبالغة في ذلك والمضي دون دراسات وخطط واضحة، حتى تتجنب المشكلات التي تواجهها حاليا خدمة اشتر الآن وادفع لاحقا.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين