كيف أدّت الثقة المفرطة إلى نهاية بلاك بيري؟

أعلنت شركة بلاك بيري BlackBerry في أواخر 2020 أنه ابتداءً من 4 يناير 2022، ستتعطل جميع أجهزة بلاك بيري الكلاسيكية التي تعمل على نظام BlackBerry OS بشكل نهائي. تركّز الشركة حالياً على البرمجيات الأمنيّة للشركات والحلول الأخرى. يُذكر أنه بين عامي 20092010، كانت بلاك بيري تسيطر على قرابة 43% من الحصة السوقية للهواتف الذكية في الولايات المتحدة و20% عالمياً انتهاءً بوصول حصتها إلى 0% في نهاية 2016!

 

كيف سطع نجم بلاك بيري؟

أُنشأت الشركة عام 1984 تحت اسم Research in Motion والذي تمّ تغييره لاحقاً لاسمها الحالي. طَورت الشركة خلال مسيرتها عدّة أجهزة وتكنولوجيات قوية من أشهرها أجهزة النداء الآلي Pagers والتي كانت تعتمد على سيرفرات خاصة بالشركة لإرسال واستقبال البريد الإلكتروني بشكل لحظي، وكان هذا المنتج ذو شهرة خصوصاً في الشركات. يرجّح بعض الأشخاص أن بداية رحلة جهاز بلاك بيري الذكي بدأت في 2003 حيث صنعت الشركة أول جهازٍ بلوحة المفاتيح الشهيرة الخاصة بها.

كان جهاز بلاك بيري ونظام التشغيل الخاص به من أشهر الأجهزة المحمولة (ولاحقاً الذكية) في السوق واستطاعت الشركة تحقيق مبيعاتٍ تصلُ إلى 50 مليون جهاز سنوياً بالإضافة إلى استحواذها على أكثر من 20% من القيمة السوقية للأجهزة الذكية في العالم ما بين عامي 20092010! زيادة على ذلك، كانت أجهزة البلاك بيري هي الخيار الأمثل للشركات بسبب التشفير الآمن للأجهزة وسهولة استخدام لوحة المفاتيح، ولاحقاً بدأت تنتشر بين الأفراد خصوصاً مع إطلاق تطبيق التواصل الشهير للشركة BBM (واتساب الطيبين!).

 

الهبوط غير الاضطراري لبلاك بيري

بدأت المشاكل تواجه بلاك بيري مع أول إعلان لجهاز الآيفون iPhone في 2007 الذي أعلن أنه لن يحتوي على لوحة مفاتيح بالإضافة إلى ميزات أخرى لم يكن صاحب أي جهاز محمول يحلم بها، مثل خاصية الشاشة متعددة اللمس، وسلاسة حركة الشاشة أثناء لمسها، وحجمها الكبير (نسبياً)، بالإضافة لتضمّن الآيفون تطبيقات عديدة مثل: متصفح انترنت قوي، ومشغل الآيتونز ITunes لتشغيل الموسيقى الذي كان الوصفة الرابحة لجهاز الآيبود IPod سابقاً. على الرغم من مواصفات الآيفون إلّا أن كلّ هذه الميزات كانت تدلّ على سعر أعلى للمنتج بالإضافة لاستهلاك أكبر لبيانات الهاتف وبطاريته وهذا كان بالنسبة لشركة بلاك بيري رهاناً غير منطقي دفعها للثبات على أغلب ميزاتها بسبب ثقتها بمبيعات أجهزتها ولم تر في الآيفون منافساً قوياً لها. استغرق بلاك بيري العديد من السنوات لتكتشف أن المستخدمين أصبحوا يفضلون أجهزة الآيفون وخصائصه الجديدة على أجهزة البلاك بيري. بناء على ذلك وفي 2013، قامت الشركة بإنشاء جهازها BlackBerry 10 مع نظام جديد يتمتع بميزات طلبها العديد من المستخدمين. لكن كان الوقت متأخراً حيث إن الآيفون حينها بدأ يستحوذ بشكل كبير على السوق وتزامن ذلك مع دخول أجهزة قوية من شركة سامسونج وأنظمة الآندرويد المميزة مما فاقم مشكلة بلاك بيري.

 

محاولات الإنعاش

حاولت الشركة إعادة تشكيل استراتيجياتها لتنعش الأداء لكن أغلب محاولاتها أتت متأخرةً مثل فتح تطبيق التواصل الخاص بها BBM لأنظمة الهاتف الأخرى والذي لم يفد كثيراً حيث إن الواتساب كان قد استحوذ على السوق بشكل كبير انتهاءً بشرائه من قبل شركة ميتا (فيسبوك سابقاً) بقيمة 19 مليار دولار! عملت الشركة أيضاً على استبدال أنظمة أجهزتها بنظام الأندرويد ولكنها لم تنجح مما أدى بها في نهاية المطاف إلى التخلي عن المنافسة في سوق الهواتف المحمولة وتحولها بشكل أكبر إلى تطوير البرمجيات الأمنية الخاصة بالشركات.

 

لماذا فشلت بلاك بيري؟

إن قصة فشل بلاك بيري ليست حكراً عليها، بل هي قصة قد تحدث لأي شركة مهما كبر حجمها (حتى أبل!). لنذكر بعض الأسباب التي ربما ساهمت في إنهاء قصة النجاح الكبيرة تلك:

  • توقف الابتكار: قادت بلاك بيري عدة ابتكارات مميزة إلّا أن التركيز الكبير على فاعلية الجهاز بعيداً عن الخصائص الجديدة وعدم قدرتها على التفكير خارج حدود فكرة إنتاج هاتف مثلما فعلت آيفون وأندرويد اللتان قامتا بتطوير ما يشبه جهاز الحاسوب على الهواتف المحمولة كان سبباً في ضعف أداء الشركة خصوصاً في الأسواق الحالية التي تتطلب ابتكاراً مستمراً.
  • الثقة المفرطة: يذكر أن بلاك بيري كانت تمتلك ثقةً عاليةً جداً بأجهزتها وكان هذا مبرراً إلى حد ما بسبب ثقة المستخدمين وحجم مبيعاتها الضخم، إلا أن الثقة المفرطة دفعتها للتقليل من شأن منتجات ناشئة مثل الآيفون وعدم النظر إليها كمنافس مما أضعف قدرتها على الابتكار ومواكبة السوق.
  • فقدان المرونة: من أهم الأساسيات التي تقوم عليها التكنولوجيا المرونة حيث إن الشيء المؤكد في هذا السوق هو عدم وجود شيء مؤكد. ولذلك نرى أن متطلبات السوق كانت تتغير بشكل متسارع بالإضافة إلى طلبات المستخدمين المتغيرة وهذا مالم تحسن بلاك بيري التجاوب معه فقد كانت تفتقد للمرونة في مواكبة السوق كما رأينا في إصدارها المتأخر لنسخ من أجهزتها بدون لوحة مفاتيح حقيقية أو إتاحة تطبيق التواصل الخاص بها لأنظمة التشغيل الأخرى.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين