“الشغل شغل، والعيلة عيلة”
يتيح بناء مشروعٍ أو شركةٍ عائلية الكثير من المميزات التي تجعلها تتفوق على غيرها من الشركات. فالقِيَمُ “غالباً” ما تكون مشتركةً بين أفراد الفريق، كما أن الرغبة في إنجاحِ العمل والالتزامَ بمستوىً معين ولمدىً بعيدٍ مضمونان أيضاً. أما الولاء، فأنت محظوظ لأنك تملك علاقاتٍ شخصيةً متينةً مع الفريق دون حاجةٍ لبنائها من الصفر. ستتعاضدون في أوقات الشدة وتعملون بإخلاصٍ لتحقيق النجاح لأنه سيعود بالفائدة على العائلة بأكملها.
الصورة جميلة، أليس كذلك؟ ولكن لا تعتقد بأنك ستعيش في عالمٍ أفلاطوني بعيداً عن المشاكل التي نراها في بيئات العمل الأخرى! فالعمل العائلي أيضا قد يأتي معه بالكثير من الخلافات والمشاكل الخاصة به، والتي قد تفوق بكثيرٍ أحياناً تلك التي في الشركات غير العائلية ، خاصةً إذا لم تدرك ملامحَ الخلافات مبكراً وتضعْ استراتيجياتٍ مناسبةً لمواجهتها.
لذا لنبدأ بتشخيص أنواع ومراحل الخلافات في الشركات العائلية:
المستوى الأول : الخلافات الطفيفة
وتنشأ بسبب رؤية الأمور بشكلٍ مختلف. وهذا النوع من الخلافات مقبولٌ بل ومطلوب في الشركات لدفع الأشخاص إلى إيجاد أفكارٍ جديدةٍ وإبداعية للعمل. وغالبا ما يتم التعامل معها باحترام وتحل بالتسوية خاصةً حين تتم إدارتها بشكلٍ جيد عبر الاستماع للآراء الأخرى والابتعاد عن الهجوم الشخصي.
المستوى الثاني: الخلافات الجادّة
هنا تكون الخلافات تراكماتٍ لخلافاتٍ طفيفة لم تُحل، أو قد تكون خلافاتٍ جوهرية (أيديولوجية مثلاً). عادةً ما يرافق هذه الخلافات نبرةٌ دفاعية بسبب الإحساس بتلقي اللوم أو الإحساس بقلة الاحترام أو التقدير، ولكن يمكن إنقاذ الوضع إن تم إدراك حجم الخلاف ومعالجته بشكلٍ فعال قبل أن ينتقل إلى مستوىً أخطر.
المستوى الثالث: الخلافات التي تزعزع استقرار الشركة
هنا تأخذ الأحزاب أماكنها، ويبدأ كل طرفٍ في ضمِّ الحلفاء من العائلة إلى صفه، ويصبح من الصعب على المشاركين أن يتراجعوا عن موقفهم لإيجاد حلٍ مناسب. تهيمن على هذه الخلافات العواطفُ والمواقفُ الشخصية، لا التفكير المنطقي والعقلاني. ويتم التعبير عن المشاعر بغضبٍ وعدوانية، وغالباً ما يشعر الأطراف بأنَّ هوياتهم وشخصياتهم هي التي تهاجَم. هنا يتحتم التدخل السريع والحازم قبل أن يتسبب الشرر المتطاير في اندلاع النوع الأخطر من الخلافات…
المستوى الرابع: إعلان الحرب
وصلت الخلافات إلى المستوى الذي يهدد وجود المنظومة والعلاقات بين أفرادها. في هذه المرحلة لن يهم الأطرافَ إيجادُ حلولٍ للمشكلة بقدر ما يهمهم الظهور بأنهم على حق أو إيذاءُ الطرف الآخر. قد تصل الأمور لأن يهاجم الأشخاصُ بعضَهم على المستوى الشخصي ويتم الانتقام على حساب العائلة أو العمل العائلي. غالباً ما تتضرر العلاقات العائلية في هذه المرحلة ويتدمر العمل أو يتفكك. ويكون الحل بفصل الأصول المالية، أما العلاقات الأسرية فنادراً ما تتعافى بعد ذلك.
ولكن لا تفقد الأمل، فهناك استراتيجياتٌ لتجنب نشوء الخلافات في العمل العائلي، ومنها:
2- الهيكلة وتنظيم الأمور بوضوح
هذا الأمر ضروريٌ في جميع أنواع الشركات ولكن غالباً ما يتم التغاضي عنه في العمل العائلي بسبب العلاقة الأسرية. فمن الضروري للحد من نشوء الخلافات في الشركات العائلية وجود هيكليةٍ واضحةٍ للجميع ونظامٍ قائمٍ واضحٍ ومكتوب لترتيب الأمور وتحديد المسؤوليات والمهام.
3- اهتم بمعدلات النمو
هل تنمو شركتك بنفس معدل نمو عائلتك؟ إذا كان معدل نمو عائلتك كبيراً وهناك الكثير من الأفراد الذين يرغبون في الانضمام إلى هذا العمل العائلي، وشركتك بالمقابل لا تنمو بما يكفي لضمهم، فقد تحدث المشاكل. من المهم إيجاد طريقةٍ لتمكين جميع الأفراد من أن يكون لهم مكانٌ ومسؤوليةٌ في الشركة سواء كان ذلك عبر العمل الفعلي المباشر أو الإشرافي (خاصةً في حالة الأعضاء المالكين أو المساهمين الذين يتوجب عليهم إدراك أن لهم حقوقاً ولكنَّ عليهم أيضا مسؤولياتٍ لتطوير وتنمية العمل).
4- وجود آلياتٍ لحل الخلافات
وجود هذه الآليات ليس حكراً على العمل العائلي، ولكنه في العمل العائلي أكثر ضرورةً وأهميةً نظراً لوجود الكثير من المشاعر والحساسيات في بيئة العمل واحتماليةِ نشوء خلافاتٍ أكثر بالتالي. ومن الأمثلة على الآليات: تدخُّل أحد الأشخاص الحياديين في العائلة والبعيدين عن العمل بين الأطراف، ووضع جدولٍ محدد للاجتماعات الدورية والحديث بأريحية حول ما يمكن أن يسبب سوء فهم. كما يُنصح بوجود قانونٍ عائلي وإيجاد مجلسٍ عائلي مخصصٍ لحل المشكلات التي قد تسبب تعارضاً بين العمل والعائلة.
اشترك معنا!
لتصلك بزنس Shot ساخنةً صباح كل اثنين