ماذا تُعلِّمنا خرانة ملابس أوباما؟

لديك مقابلةٌ مهمةٌ جداً تحتاج إلى كامل تركيزِ مديرِك أو عميلِك، فمتى تقابله؟ ٨ صباحاً؟.. أم ١٢ ظهراً؟.. أم في نهاية اليوم؟

جرعتنا اليوم مستوحاةٌ من نظرةٍ سريعة على خزانة ملابس كلٍّ مِنْ: أوباما، وستيف جوبز، ومارك زكربيرغ. فما القاسم المشترك بين خزائنهم؟

رغمَ ما يمتلكه كلٌّ منهم من خياراتٍ تكاد تكون لا نهائية، إلَّا أنهم اختاروا أنْ يحُدّوا خياراتهم بزيٍّ واحدٍ فقط أو اثنين! هل يعني ذلك أنَّهم أشخاصٌ مُمِلّون لا يستمتعون باختيار الملابس وتغييرها؟

 

لا.. هم ببساطة يحافظون على “شحن” بطارياتهم. 

في تجربةٍ لمعرفة مدى تأثير اتّخاذنا للقرارات على طاقتنا، قام فريق الباحثة جين توينغ بدراسة فريقين:

(1) فريق “اتخاذ القرار” و (2) فريق “التوصيف” 

بعد وضع مئاتٍ من الأشياء غير الثمينة ( شموع – قمصان – كرات تنس – وحتى العِلك وعلب الكوكا كولا) على طاولة، طُلبَ من الفريق الأول “متخذي القرار” أن يقارنوا كلَّ مرة بين شيئين فقط ويختاروا أحدَهما.

في حين لم يُطلب من الفريق الثاني أن يُقرر، طُلِب منهم فقط “تقييم” كلِّ غرضٍ على حِدَة دون مقارنة. بمعنى أن يمرّوا على كل شيءٍ على الطاولة ويقوموا بوصفه.

بعد نهاية التجربة تمَّ استخدام عدةِ طرقٍ معتمدةٍ في علم النفس لقياس “قوة الإرادة” وكانت النتيجة دائماً نفسها: كانت “قوة إرادة” المجموعة الأولى التي أمضت الوقت في اتخاذِ قراراتٍ كثيرة (مع أنها بسيطة) أقلَّ بكثير من المجموعة الثانية التي قَيَّمت دون أن تضطر إلى المقارنة.

هذه التجربة هي اختصارٌ عملي لقانونٍ يسمى “إرهاق القرار” (Decision Fatigue) وهو مصطلحٌ في علم النفس يُطلق على “تدهور جودة القرارات التي يقوم بها الفرد، بعد جلسةٍ طويلة من اتخاذ القرارات”، ما يجعلنا عرضةً مثلاً لشراء منتجاتٍ لا نحتاجها بعد جولةٍ مرهقة من مقارنة السلع أونلاين.

 

حتى المحكمة “بطاريتها ممكن تخلص”

مثالٌ آخر -دراميٌّ بعض الشيء- لكنَّه يُبيّن مدى خطورة وجدية إرهاق القرار ومدى تأثيره على حياتنا:

أظهرت دراسةٌ لجامعة كولومبيا شملت أكثر من 1000 حُكمٍ قضائي أنه خلال الجلسة القضائية الواحدة، تنخفض نسبة الموافقة على إطلاق السراح المشروط للسجناء بشكلٍ تدريجي من 65٪ في بداية اليوم لتصل إلى 0٪ عند استراحة الغداء لتعود إلى 65٪ بعد الاستراحة!

باختصار.. قدرتُنا على اتخاذ القرارات أشبه بالبطارية: تُستهلَك مع استخدامنا لها لنصبح – عندما تضعف – أكثرَ عُرضةً لاتخاذ قراراتٍ خاطئة أو غير منطقية أو حتى تجنّب اتخاذ القرارات أصلاً.

بسّط حياتك ولا تستهلك البطارية في قراراتٍ غيرِ هامة على حساب القرارات الهامة التي ستصل إليها منهكاً. 

وبالنسبة لسؤالنا لك في بداية المقال.. بخصوص مقابلتك المهمة: أحسن تخلي المقابلة لما تكون بطارية القرارات لمديرك أو عميلك مليانة!

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين