بريطانيا تمنع إعلانات الوجبات السريعة!

هل تسير الوجبات السريعة على خطى السجائر؟

قررت الحكومة البريطانية ابتداءً من نهاية عام 2022 منعَ عرض إعلانات المأكولات التي تحتوي على نسبٍ عالية من الدهون والسكر والملح قبل الساعة ٩ مساء، وتشديدَ القوانين على إعلاناتها الإلكترونية. يشمل القرار جميع مطاعم الوجبات السريعة، ومنتجات الشوكولاته والحلويات، والبطاطس المقلية (الشيبس) والمشروبات الغازية.

يأتي ذلك في محاولةٍ لمواجهة مرض السمنة -المنتشر بين البريطانيين عموماً والأطفال خصوصاً- والآثار المترتبة عليه.

 

كم تخسر الدول بسبب السمنة؟

لا تقتصر التداعيات الاقتصادية السلبية للسمنة على تكاليف الرعاية الصحية المباشرة نتيجةً للأمراض المزمنة التي تتسبب بها (أمراض القلب والسكر وحتى السرطان) ولكنها تسبب أيضاً: (1) خفض الإنتاجية (2) التقاعد المبكر (3) العجز والإعاقات، وما قد ينتج عنها من إجبار أقرباء المرضى على ترك سوق العمل لتقديم الرعاية المنزلية لهم.

وجدت دراسةٌ أجريت عام 2012 أنَّ الولايات المتحدة وحدها تتكبد خسائر تزيد عن 212 مليار دولار سنوياً بسبب السمنة! ويوضح الرسم البياني التالي تقديراً للفاتورة الاقتصادية المباشرة التي تدفعها عددٌ من الدول المتقدمة الأخرى نتيجة هذه الأزمة (بحسب تقرير البنك الدولي عن السمنة الصادر عام 2020).

 

 

قطاع الإعلانات غاضب

على الرغم من أنَّ ردة فعل أغلبية المستهلكين تجاه القرار كانت إيجابية، إلا أنه كان بمثابة “مصيبة” حلت على قطاع الإعلانات الذي تجلب له إعلانات الوجبات السريعة والمنتجات “غير الصحية” أرباحاً سنوية ضخمة.

فبحسب صحيفة الجارديان، قد يكلف هذا الحظر قنوات التلفاز البريطانية أكثر من 200 مليون جنيه استرليني سنوياً، كما أنه سيؤثر على قطاع إعلانات المنتجات الغذائية على الإنترنت والذي يقدر بقرابة 400 مليون جنيه استرليني سنوياً في بريطانيا وحدها.

من جهتها أبدت مديرة الشؤون العامة بنقابة الإعلانات خيبة أملها موضحةً أنَّ هذا القرار (1) سيحد من قدرة شركات الأطعمة والمشروبات على الإعلان عن ابتكاراتها الجديدة (2) سيؤثر على قدرة المطاعم على الإعلان عن قوائم الطعام الجديدة (3) سيضر بقطاع مقدمي المحتوى الرقمي حيث سيقلل أرباحهم بشكلٍ واضح (4) عدا عن تسببه في خسارة العديد من الوظائف.

وبشكلٍ عام، صرح العديد من الأشخاص المرتبطين بقطاع الإعلانات أنَّ الحكومة البريطانية تقوم بالتركيز على الأمر “الخاطئ” وأنَّ عليها أن تتوصل إلى حلولٍ جديدة لمكافحة السمنة بدل خيار الحظر الذي يضر باقتصاد الإعلانات بشكلٍ كبير.

 

الصورة الكلية

يبدو للوهلة الأولى أنَّ مثل هذه القرارات قد تضع بالفعل حداً للتعرض المباشر للإعلانات التي تحفز على استهلاك المنتجات غير الصحية، لكن هل تنجح بالفعل في خفض السمنة أم أنَّ المشكلة أعمق من ذلك بكثير؟

عند مراجعة القرار، نجد أنَّه لا يمنع المطاعم من نشر إعلاناتها طالما أنَّ الإعلان لا يُظهر الأطعمة “الضارة” التي يقدمها المطعم بشكلٍ مباشر (يمكن لماكدونالدز مثلاً أن تنشر إعلاناً كاملاً طالما تظهر فيه السلطة فقط). وبالرغم من احتمالية أن يدفع ذلك المطاعمَ إلى ابتكار أطعمةٍ “أقل ضرراً”، يتوقع البعض أنَّ الشركات ستتمكن من الالتفاف على الأمر دون خسارة ولاء العميل، وستنجح في دفعه لزيارتها واستهلاك منتجاتها الأخرى.

يتطلب الحكم على قرارٍ كهذا أن يخضع لدراساتٍ علميةٍ مكثفة لقياس فعاليته وإذا ما كانت التكلفة التي سيتحملها الاقتصاد مبررة. كما يتطلب التغيير السلوكي أيضاً حلولاً شمولية مصحوبةً ببرامج ومبادراتٍ لرفع الوعي لدى المستهلكين بأضرار الأكل غير الصحي، وتشجيع الحركة والأنشطة الرياضية، ودعم الخيارات الصحية البديلة.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين