لا تشارك هذا المقال!

يحكي مؤلف كتاب “معدي: السبب وراء تفشي الأشياء” قصة أحد الأماكن الغريبة في مدينة نيويورك.

في أحد شوارع نيويورك المليئة بالأبنية المتماثلة المغطاة بالطوب الأحمر الذي تشتهر به المدينة، ستجد كشك هاتف عمومي يتوسط أحد هذه الأبنية، واحداً من تلك الأكشاك المنتشرة بالمدينة والعديمة الفائدة هذه الأيام. إذا دخلت الكشك ستجد هاتفاً قديم الطراز ذا قرص دوار يبدو أنه خارج الخدمة.

لكن إذا وضعت إصبعك على رقم 2 وحركته عكس عقارب الساعة ستسمع صوتاً يقول لك: أهلاً وسهلاً، هل لديك حجز؟! إذا أجبت بنعم فسيتحرك جدار الكشك ليكشف عن حانة راقية مزدحمة! حانة Please Don’t Tell أو أرجوك لا تخبر أحداً!

تعتبر حانة Please Don’t Tell من أكثر الحانات حجزاً في المدينة، مع أن أصحابها لم يعلنوا عنها أبداً ولو بلوحة إرشادية خارجها، ولم يتكلفوا فلساً واحداً للتسويق لها.

فكيف ذاع صيتها وأصبحت من أشهر حانات المدينة؟ الجواب: العملة الاجتماعية!

 

العملة الاجتماعية

يقال إذا تجاوز السر ثلاث آذان انتشر لكن برأي المؤلف يكفي أذنين فقط لانتشار أي سر، فالإنسان لديه حب فطري لمشاركة كل غريب ومميز خاصة ما يجعله يتميز عن البقية وهذا ما يطلق عليه العملة الاجتماعية!

لكن ما الذي يدفع الناس لمشاركة بعض الأمور والتجارب دون غيرها؟

يميل الناس عادة لمشاركة كل ما يظهر ثقافتهم، حسن تدبرهم للأمور، أو لمجرد إسعاد من حولهم والعكس صحيح. على سبيل المثال إذا قمت بشراء منتج فاخر بسعر زهيد فقد تتباهى بذلك أمام أصدقائك أما إذا قام البائع بالاحتيال عليك واقناعك بشراء المنتج نفسه بأعلى من سعره الحقيقي فعلى الأغلب ستحتفظ بهذه الواقعة الأليمة لنفسك.

إذا كيف يمكنك استغلال العملة الاجتماعية للتسويق لمنتجك مهما كان نوعه؟

 

1. ابحث عن التميز الداخلي Inner Remarkability

الأشياء المميزة Remarkable هي الأشياء غير الاعتيادية، الجديدة أو المثيرة للدهشة، على سبيل المثال حانة Please Don’t Tell!

فكّر بالقصص التي يرويها لك أصدقائك عن عملهم، ستجد أن أغلبها قصص مميزة تختلف عن الروتين اليومي الخاص بهم. على سبيل المثال إذا كنت تعرف طبيب طوارئ فعلى الأغلب لن يحدثك عن الحالات المؤلمة من الجروح والجلطات القلبية لكن قد يروي لك قصة مريض جاء لأمر مضحك أو محرج!

حاول العثور عن التميز الداخلي لمنتجك مهما كان نوعه. فكر كيف يقوم منتجي بـ “كسر النمط” السائد؟

على سبيل المثال في الوقت الذي تجبرك أغلب قاعات السينما على دفع مبالغ إضافية لتجربة مقاعد أكثر راحة، قررت AMC تقديم مقاعد فخمة للجميع وبنفس السعر. وبذلك كسرت النمط، وهكذا.

 

2. العب على وتر الخصوصية والندرة

هل سمعت بشطيرة McRib من ماكدونالدز؟ إذا كنت من سكان الولايات المتحدة فجوابك على الأغلب هو بالطبع!

عندما أطلقت ماكدونالدز McNuggets الشهيرة في سبعينات القرن الماضي لاقت نجاحاً هائلاً أكبر من المتوقع، لذلك لم تستطع الشركة تزويد المنتج لجميع الأفرع. ولتعويض هذه الأفرع قدمت لهم الشركة شطيرة جديدة حصرية لهم أسمتها McRib. نجحت هذه الشطيرة نجاحاً مبدئياً فقررت ماكدونالدز تعميمها على جميع الأفرع في الولايات المتحدة. بعد مرور عام تبين أن مبيعات الشطيرة مخيبة جدا للآمال. حاولت الشركة التسويق للمنتج بشتى الطرق لكن دون جدوى لتقرر توقيف المنتج نهائياً.

قررت الشركة بعد عقد من الزمان إعادة المنتج، لكن هذه المرة سوقت له بطريقة ذكية ولعبت على وتر الندرة! حيث قامت الشركة بعرض المنتج في جميع الأفرع لفترة قصيرة لتوقفه لمدة غير محدودة! بعد فترة ليست بالقليلة أعادت ماكدونالدز الكرة لكن هذه المرة عرضت المنتج فجأة في بعض الفروع فقط واختفى بعدها لسنوات! وواصلت ماكدونالدز على هذا المنوال بعرض المنتج ووقفه دون سابق إنذار!

أصبحت الشطيرة ظاهرة محلية وزادت شعبيتها لدرجة أن هناك حملات مستمرة لمطالبة الشركة بإعادتها إلى يومنا هذا!

 

 

مشهد من مسلسل Family Guy الكوميدي

تطبيق كلوب هاوس الشهير بالمقابل قرر استغلال العملة الاجتماعية باللعب على وتر الخصوصية. بدأ التطبيق بنظام العضوية، حيث لا يحق لشخص الانضمام للتطبيق إلى بدعوة من عضو آخر. خلق ذلك شعوراً بالتميز لدى الأعضاء ودفع الناس لمحاولة الانضمام للتطبيق لمجرد الحصول على هذا التميز الاجتماعي ليصبح التطبيق حديث الساعة في زمن الكورونا!

تذكّر أن أفضل وقت للعب على وتر الخصوصية بحسب المؤلف هو في بدايات عملك التجاري.

 

3. وأخيرا، حولها للعبة! 

أظهرت دراسة أن التزام الناس بمشغل طيران واحد زادت بنسبة كبيرة بعد إطلاق هذه الشركات لنظام الولاء والأميال المجانية. الغريب، أنه توجد حالياً أميال مجانية غير مستخدمة تكفي للسفر إلى القمر ذهاباً وعودة 20 مليون مرة! حيث يستغل أقل من 10% من أعضاء برامج الولاء هذه الأميال المجانية.

 لماذا إذاً يحرصون على جمعها؟ الإجابة ببساطة لأنها لعبة ممتعة!

تحفز برامج الولاء العملاء داخلياً وخارجياً. داخلياً بمنحهم الشعور الفطري بالإنجاز، تماما كالفخر الذي تشعر به عند الانتصار على الوحش الأخير في لعبة من ألعاب البلاي ستيشن!

أما خارجياً فبالسماح لهم بالتفاخر أمام أقرانهم وبالتالي مشاركة منتجك أو علامتك التجارية معهم.

أخيراً، تذكر أن 40% من كلام الناس يتمحور حول نفسهم وتجاربهم واختياراتهم، لذلك حاول أن يذكر اسم مشروعك ومنتجك وسط كل هذا الكلام!

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين