قبل التفكير بالحل، تأكد من فهمك للمشكلة!

كم نتيجة 1+1؟ سؤال مباشر نستخدم إجابته بشكل دائم في نقاشاتنا لتوضيح بساطة مشكلة ما وقطعية حلها.

ولكن ماذا لو كانت المشكلة أعقد من ذلك بكثير؟ ماذا لو كانت لها أبعاد متعددة (اجتماعية أو اقتصادية)؟ ماذا لو كنا بطرحنا لصيغة معينة للسؤال نتورط في معالجة المشكلة الخطأ؟

لنفترض أن دخلك الشهري ليس كافياً لمصارفيك. هل السؤال هو: 1) كيف أغير عاداتي الاستهلاكية حتى يكفيني الراتب؟ أم 2) كيف أزيد من دخلي لكي أتمكن من تغطية نفقاتي الاستهلاكية الحالية؟

كلا السؤالين ينبعان من نظرة مختلفة للمشكلة. كل سؤال – بالتالي – سيؤدي إلى حلول مختلفة تماما عن حلول السؤال الآخر.

ماذا نفعل إذا كان نطاق المشكلة كبيرا جداً بما يمنعنا عن فهمها أو البحث عن حلول لها؟

تأطير المشكلة 

التأطير هو عملية بحث لتشخيص المشكلة الصحيحة وتطوير ما يسمى ”بيان مشكلة“ (Problem Statement)  واضحٍ نعرف من خلاله بوضوح ما الذي نحاول معالجته بالضبط. يتضمن ذلك: (١) البحث في جذور المشكلة، وتبعاتها، (٢) وتحديد حجمها، (٣) ومراجعة المسلمات، (٤) وتحديد ما سنتضمنه في معالجتنا للمشكلة وما سنستثنيه (هل هناك تعارض مصالح أو أبعاد أخلاقية أو بيئية مثلاً؟).

الهدف هو شرح المشكلة بكلمات قليلة والوصول إلى إجماع بين أصحاب المصلحة على ماهية المشكلة، مما يساعد على التفكير بالحلول الصحيحة لها.

قد تحتاج إلى تجربة عدة إطارات لمعرفة هل الإطار الاجتماعي لا المادي هو الصحيح؟ هل المشكلة حقيقية أم أن المشتكين يرونها كذلك بناء على فرضيات وتوقعات غير واقعية، وبالتالي فالمشكلة معرفية وانطباعية وليست تقنية؟

نهر “تشيونغي تشون“: المشكلة ذاتها ولكن الإطار مختلف 

في خمسينيات القرن الماضي، قامت حكومة كوريا الجنوبية بتجريف النهر الذي يشق العاصمة سيئول وتحويله إلى طريق عام. وفي السبعينيات، تم بناء طريق سريع بأربع مسارات فوق الطريق الأصلي لاستيعاب أعداد السيارات المتزايدة.

إطار جديد للمشكلة 

في عام 2002 اُنتخب الرئيس السابق لشركة هيونداي للإنشاءات “لي باك” عمدة لسيئول (أصبح رئيسا للبلاد لاحقاً). وبدأ بتنفيذ مشروع “استعادة نهر تشيونغي تشون”. بدت الفكرة مجنونة لمهندسي الطرق والتخطيط، فإزالة طريق سريع يحمل 170 ألف سيارة يومياً سيؤدي إلى كارثة.

أما “لي” فكان يرى أن المشكلة ليست في زيادة العرض بل تخفيض الطلب، وتلبية النمو المستمر سيؤدي بالنهاية إلى شلل كامل. وأن المبالغة بزيادة الطرق ستشجع المزيد من الناس على استخدام سياراتهم، وبالتالي امتلاء الطرق والجسور الجديدة أيضاً. رؤية “لي” كانت أن المدن تُبنى لرفاهية عيش الناس وليس من أجل التنقل بالسيارات. لقد أعاد تأطير المشكلة بإطار مختلف.

التطبيق

تواصل ”لي“ مع أصحاب المصلحة للتوصل إلى إجماع على الإطار الجديد وبيان المشكلة، التقى المسؤولون 4200 مرة مع أصحاب المحلات المجاورة، وتم نقل الباعة المتجولين من أسفل الطريق إلى استاد رياضي قريب، وتوسعة الطرق المجاورة، وتطوير نظام الباص السريع ليكون بديلاً عن السيارات، بالإضافة إلى عدة أعمال أخرى.

النتيجة

استُعيد النهر عام 2005، وتكيف الناس مع التغيير ولم تقع الكارثة! على العكس، بات الموقع مكان جذب سياحي وحقق عوائد مالية كبيرة، ارتفعت جودة الحياة، والقيمة التجارية للمنطقة، وبات مشروع النهر إلهاماً للعديد من المدن الأخرى.

كل هذا لم يكن ليحدث لو لم يقم” لي“ بتأطير المشكلة بشكل مختلف والخروج بـ“بيان مشكلة“جديد. لذا قبل أن تبدأ بالغوص في إيجاد حل لمشكلتك، خذ خطوة للوراء وتأكد من أنك تعالج المشكلة الصحيحة!

 

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين