في زمن الجائحة… جيل الألفية يقررون “بإرادتهم” ترك وظائفهم!

نشرت نيويورك تايمز تقريراً صادماً عن ظاهرةٍ غريبة تجتاح الشركات الكبرى! فمع انتشار اللقاح وبدء عودة الموظفين تدريجياً إلى مكاتبهم، تُقرر أعدادٌ كبيرة من شباب جيل الألفية* المميزين الاستقالة من وظائفها!

يأتي ذلك في حين لم يتعافَ العالم بعد من الآثار الاقتصادية السلبية للجائحة. فلا يزال الملايين يعانون من فقدان وظائفهم وشُحِّ الوظائف المتاحة.

 

الحياة قصيرة!

“أدركتُ أنني أجلس كل يوم لمدة عشر ساعات في حالةٍ يرثى لها. فقلت لنفسي: ما الذي يمكن أن أخسره؟ قد أموت غداً!”

هذا ماقاله بريت ويليامز الذي كان يعمل في إحدى كبرى شركات المحاماة الأمريكية قبل أن يقرر الاستقالةَ للعملِ في شركة محاماة صغيرة ناشئة أسسها جاره!

لقد جاءت الجائحة بمثابة تذكيرٍ للشباب بأنَّ الحياة قصيرةٌ وهشَّة وقد تنتهي في أية لحظة. ودفع هذا الإدراك البعض منهم إلى المخاطرة بالتخلي عن وظائفهم ذات الرواتب السخية والسعي وراء أعمالٍ أو وظائفَ تُحقق ذواتهم وتستجيب لقدراتهم ومواهبهم.

 

تبعات تجربة العمل من المنزل

قد يكون أحد الأسباب أيضاً إصرارَ بعض أرباب العمل على العودة إلى المكاتب مع اتّباع الأسلوب التقليدي بالتركيز على الوقت الذي يمضيه الموظف في الشركة لا على مخرجاته النهائية. فقد أظهرت دراسةٌ أجرتها شركة كانفا Canva أنَّ 30% من الموظفين العاملين من المنزل يرغبون في الاستمرار بذلك بشكلٍ دائم حتى بعد انتهاء الجائحة، بينما أعرب 52% منهم عن رغبتهم بتبني أسلوب عملٍ هجين (مزيج من الحضور للمكتب والعمل من المنزل).

لقد دفع العمل من المنزل الكثيرَ من الموظفين خاصة الأمهات لإمضاءِ المزيد من الوقت مع عائلاتهم ووضْعِ جدولٍ زمني للعمل يضمن لهم تحقيق التوازن بين حياتهم الشخصية وحياتهم العملية. إضافةً إلى ذلك استطاع الموظفون توفير الساعات التي يقضونها وقت الذروة في طريقهم للعمل والتي من شأنها أن تستنزف طاقاتهم الجسدية والنفسية. وهو ما ساهم -على غير المتوقع- في زيادة الإنتاجية بنسبة 13% بحسب دراسةٍ لجامعة ستانفورد، ولعب دوراً في إعادة تصور الموظفين لبيئة العمل.

 

ماذا يعني هذا لي؟

إذا كنت واحداً من الآلاف الذي يفكرون في السعي وراء وظيفة أحلامهم أو تحويل هوايتهم إلى مصدر دخلهم الرئيسي فهناك العديد من الأمور التي يمكن القيام بها لتقليل مخاطر الانتقال قدر المستطاع.

إذا أردت تغيير مسارك المهني أو البحث عن وظيفة أخرى حاول أن تُنمي قدراتك وتعزز سيرتك الذاتية أولاً حتى تبدأ مغامرتك الجديدة من موضع قوة وأنت على أهبة الاستعداد.

أما إذا أردت أن تبدأ عملك الخاص فخصص له وقتاً جزئياً مع استمرارك في وظيفتك الحالية بدايةً حتى تبني قواعده وتضمن حداً معيناً من الأمان المادي قبل أن تتفرغ له (راجع جرعتنا المعرفية السابقة 6 خطوات ” تُسَهّل” انتقالك من موظَّف إلى موظِّف).

 

الصورة الكلية

إنَّ ارتفاعَ معدلات استقالة الموظفين لفتح مشاريعهم الخاصة وزيادةَ شعبية الدوام المرن ليستا ظاهرتين جديدتين، وقد تكونان من أعراض انخفاض تفاعل الموظفين الذي انتشر بشكلٍ كبير مع بداية دخول جيل الألفية* إلى سوق العمل. فبحسب تقرير شركة تحليل البيانات بيكون Peakon السنوي حول تفاعل الموظفين، فإن حوالي 59% من الموظفين عالمياً ليسوا متفاعلين بشكلٍ نشط مع عملهم، أي أنَّهم يؤدون عملهم دون شغف أو أنَّ كثيراً من وقتهم يفتقر إلى الإنتاجية.

إلا أنَّ الجائحة قد دفعت هذه الظواهر بقوةٍ وتحدَّت مرونة الشركات وقدرتها على التكيف مع المتغيرات، بحيث لم تعد الأساليب القديمة مجدية. تقول ميشيل كوفمان التي عينتها جوجل لقيادة فريقٍ من علماء الاجتماع والمعماريين لإعادة تخيل بيئة العمل لديها:

“إنَّ مستقبل العمل الذي كنا نظنّه على بعد 10 سنوات.. أصبح -بسبب الجائحة- أمامنا الآن”.

*جيل الألفية هم من تتراوح أعمارهم الآن بين 25-40 عاماً

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين