لماذا يكرهنا السوق؟!

ربما سمعت قصة من أصدقائك الذين استثمروا في سهم أو عملة معينة، وبعدها مباشرة هبط سعرها، وخسروا استثماراتهم، وعادة ما ينهون رواية القصة بمحاولة إقناعك أن الحظ دائماً ما يسير عكس اختياراتهم، أو أن أسواق الاستثمار تكرههم! إلا أنّ القصة الحقيقية عادةً لا تكمن في كراهية السوق لأحد، بل تكمن في خطأ كبير يقع به أغلب المستثمرين الجدد، وهو استخدام العاطفة لاتخاذ قرارات استثمارية أو ما يسمّى “الاستثمار العاطفي Emotional Investing”.

ما هو الاستثمار العاطفي؟ ولماذا نقع فيه؟

الاستثمار العاطفي هو ممارسة يتم من خلالها اتخاذ قرارات استثمارية مبنية على العاطفة (خوف، طمع) أكثر من كونها مبنيةً على دراسة أساسية وفنية صحيحة للاستثمار. على الرغم من أن بعض النظريات الاقتصادية حاولت إثبات أن التحركات في أسواق الاستثمار تعكس المعلومات المتوفرة؛ ولذلك فأسعارها تكون عادلة، إلا أن بعض الباحثين في مجال الاقتصاد السلوكي Behavioral Economics أظهروا أن الأسواق المالية – على عكس النظرية الأولى – عادةً ما تتأثر بسلوكيات المستثمرين المبنية على تحيزات معرفية، مثل: الثقة المفرطة باستثمار معين، أو رد الفعل المبالغ فيه على حدث معين. من الأمثلة القريبة على ذلك ما حدث في جائحة كورونا حيث إن الخوف المفرط أدى إلى انهيار في الأسواق المالية العالمية، ولكنا لاحظنا بعدها أن أغلب الاستثمارات عادت إلى سابق عهدها، بل وحققت أرباحاً أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الانهيار!

الاستثمار بعيداً عن العاطفة

من المهم معرفة أنه لا يمكننا عادةً تنحية العاطفة تماماً عن قراراتنا، إلا أنه يمكننا تطبيق بعض الاستراتيجيات التي تفيدنا في اتخاذ قراراتٍ أكثر واقعية:

  1. لا تستثمر ما لا تحتمل خسارته: أسواق الاستثمار باختلافها تحمل درجة معينة من المخاطرة، والتي تزداد عادةً في أثناء الأوضاع السلبية، ولذلك من المهم أن يكون المبلغ المستثمر هو مبلغ يمكنك تحمل خسارته، أو أن خسارته لن تؤثر على حياتك (إياك أن تخاطر بمدخرات حياتك كلها مهما كان الاستثمار واعداً!)
  2. لا تضع البيض في سلة واحدة: تنويع استثماراتك يعني تقليل المخاطرة الكلية على محفظتك، ولكن احذر من العشوائية في تنويع الاستثمار، والمبالغة التي تؤدي إلى فقدان التركيز والقدرة على المتابعة.
  3. الدخول المتدرج: الدخول بالاستثمار على أجزاء (كشراء عدد محدد من الأسهم أو المعادن والعملات على أشهر، عوضاً عن الشراء دفعة واحدة بالسعر الحالي) حيث إنه في حال هبوط السوق، يمكنك زيادة استثمارك بأسعار أفضل، أو الحد من الخسائر في حال وقوعها.
  4. الابتعاد عن الانحياز المعرفي: عادة ما نقع في فخ الانحياز المعرفي في أثناء دراستنا لاستثمار معين، حيث إننا نبحث عن جميع التحليلات التي توافق أفكارنا المبدئية. لذلك، من المهم فهم جميع وجهات النظر السلبية والإيجابية عن الاستثمار الذي تبحث عنه.
  5. حدد شهيتك للمخاطرة: يجب عليك إدراك قدرة تحملك للمخاطرة، فإذا كنت لا تتحمل المخاطرة العالية، يمكنك التوجه إلى استثمارات أكثر أماناً كالعقار، وإن كانت عائداتها أقل.
  6. الخوف هو صديقك: الأوقات السلبية غالباً ما تكون الأكثر إزعاجاً لنا، إلا أنها قد توفر لنا أفضل الفرص للاستثمار، فكما ذكرنا سابقاً، يبالغ بعض المستثمرين في ردة فعلهم في أوقات الأزمات. ولذلك، فإن المحافظة على عاطفتك في تلك الأوقات قد تكون تذكرتك للنجاح في هذا السوق، وتذكر نصيحة وارن بافيت:

“سأخبرك كيف تصبح غنياً: أغلق الأبواب وتخوَّف عندما يطمع الناس.. واطمع بالمزيد عندما يتخوَّف الناس”.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين