هل تصبح الصين مجتمعاً غير نقدي؟

أطلقت الصين الأسبوع الماضي نسخةً تجريبية من تطبيقها لعملة اليوان الصيني الرقمية على أجهزة الآيفون والأندرويد. سيعمل التطبيق كمحفظةٍ للتخزين والدفع بعملة اليوان الرقمية. بدأ البنك المركزي الصيني تأسيس اليوان الرقمي والعمل عليه منذ 2014 بهدف إلغاء التعاملات النقدية بشكل كامل وجعل الصين مجتمعاً غير نقدي!

 

عملةٌ رقمية غير رقمية!

قد يتبادر لذهن القارئ أنَّ اليوان الرقمي سيكون جزءاً من عالم العملات الرقمية مثل البتكوين وغيره، ولكن الأمر مختلف إذ يستخدم اليوان الرقمي تقنيةً مركزية من البنك المركزي الصيني بدلاً عن تقنية البلوكتشين التي تبنى عليها العملات الرقمية الأخرى مثل البتكوين. على الرغم من ذلك، سيتمتع اليوان الرقمي ببعض الخصوصية مثل قدرة المستخدمين على حجب معلوماتهم عن الأطراف الأخرى مع بقائها ظاهرةً للسلطات الصينية لمراقبة الأعمال غير القانونية مثل غسيل الأموال وغيرها.

 

ما هو المجتمع غير النقدي؟

إنَّ مفهوم المجتمع غير النقدي بشكلٍ بسيط يصف حالةً يتحول فيها مجتمعٌ معين من استخدام العملات الورقية والمعدنية في تعاملاته اليومية إلى استخدام العملات الإلكترونية أو الرقمية بشكلٍ كامل. بدأ النقاش حول فكرة المجتمعات غير النقدية منذ عقود لكنها أصبحت تتمتع بشهرةٍ أكبر بعد ظهور البتكوين في 2008. كان الهدف من البتكوين إنشاءَ عملةٍ رقمية يتم التعامل بها للشراء والبيع لا تعتمد على قاعدة بيانات مركزية وتحافظ على سرية المستخدمين في تعاملاتهم التجارية (الأمر الذي تفتقده العملات الرقمية المركزية).

 

مزايا وعيوب التحول إلى مجتمعٍ غير نقدي

إنَّ استخدام العملات الرقمية مثل اليوان الرقمي وغيره قد يتيح للمجتمعات ميزاتٍ كثيرة مثل: (1) زيادة سرعة معاملاتهم اليومية وتسهيلها، (2)سهولة عمليات الإرسال والتحويل إلى العملات الأخرى في حال كانت تدعم النظام الرقمي. كما وفر هذا النظام ميزات للحكومات أيضاً إذ (3) قد يحدُّ من عمليات غسيل الأموال وسرقة العملات الورقية

على الرغم من هذه الميزات، قد ينطوي التحول إلى هذا النظام على عددٍ من العيوب مثل: (1) تقليص خصوصية المستخدمين بشكل كبير، (2) أي اختراقٍ لحساب شخص قد يؤدي إلى سرقة معلوماته بشكلٍ كامل، (3) صعوبة تبني هذا النظام للأشخاص الذين لم يتعودوا على استخدام تطبيقات الهاتف، بالإضافة إلى (4) ظهور بعض المشاكل في الصرف إذ أثبتت الأبحاث أنَّ الدفع عن طريق البطاقة أو تطبيقات الدفع الرقمي يؤدي عادةً إلى زيادة إنفاق المستهلكين

 

الصورة الكلية

قد تختلف الآراء بين مشجعٍ ومتخوف من التحول إلى مجتمعٍ غير نقدي إلا أنَّ زيادة خدمات الدفع الإلكترونية وتطبيقات الدفع عالمياً أدت إلى تسهيل المعاملات بشكلٍ كبير وتخفيض كلفتها خاصة مع تطور تكنولوجيا الدفع.

لقد دفعت هذه التكنولوجيا الكثير من المجتمعات إلى التخلي عن استخدام العملات الورقية بشكلٍ طبيعي؛ ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال انخفض استخدام العملات الورقية والنقدية بنسبة 35% في 2020، أما في السويد فقط أظهرت الدارسات أن 15% فقط من التعاملات التجارية فيها تتم عن طريق العملات الورقية. وعلى ما يبدو تدل هذه المؤشرات على أن العديد من الدول قد تنضم إلى الصين في تحولها إلى مجتمع غير نقدي في القريب العاجل

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اشترك معنا!

لتصلك بزنس Shot ☕ ساخنةً صباح كل اثنين